في شهر نوفمبر من كل عام، يذكرنا شهر التوعية بمرض السكري أن الوعي والوقاية المبكرة يمكن أن يُحدثا فرقًا دائمًا في التعايش الجيد مع مرض السكري. يسلط شعار اليوم العالمي للسكري لهذا العام، “اعرف أكثر، افعل أكثر من أجل مرض السكري في العمل”، الضوء على كيفية امتداد إدارة مرض السكري إلى ما هو أبعد من الرعاية الطبية، وكيف يشكل عاداتنا اليومية، خاصة في مكان العمل.
بالنسبة للعديد من الأشخاص الذين يعملون في دبي وفي جميع أنحاء الإمارات، حيث تشيع ساعات العمل الطويلة واستخدام الشاشات الرقمية، فإن فهم كيفية تأثير مرض السكري على صحة العين أمر ضروري للحفاظ على العافية والإنتاجية.
تستكشف هذه المدونة العلاقة بين مرض السكري والرؤية، والعلامات المبكرة التي يجب الانتباه إليها، والخيارات الحياتية البسيطة التي يمكن أن تساعد في حماية بصرك، في العمل وخارجه.
حقائق عن مرض السكري
وفقًا للاتحاد الدولي للسكري (IDF)، يُقدر أن 589 مليون شخص بالغ في جميع أنحاء العالم يتعايشون حاليًا مع مرض السكري، ومن المتوقع أن يصل هذا العدد إلى 853 مليونًا بحلول عام 2050. يعكس هذا الارتفاع تغير أنماط الحياة، والعادات الغذائية، وانخفاض النشاط البدني، وكلها تساهم في التحدي الصحي العام المتزايد لمرض السكري.
وفي الإمارات، يتعايش حوالي 20.7% من البالغين الذين تتراوح أعمارهم بين 20 عامًا وما فوق، أي ما يعادل 1.3 مليون شخص تقريبًا، مع مرض السكري، ومن المتوقع أن يزداد هذا العدد، ليصل إلى ما يقرب من 23% من السكان بحلول عام 2050.
تسلط هذه الأرقام الضوء على الحاجة الملحة للكشف المبكر والإدارة المستمرة، ليس فقط لتقليل المضاعفات الصحية، ولكن أيضًا لحماية الرؤية على المدى الطويل والعافية العامة.
مرض السكري والعاملون
وفقًا للاتحاد الدولي للسكري، فإن 7 من كل 10 أشخاص يتعايشون مع مرض السكري هم في سن العمل (20-64 عامًا). بالنسبة للمهنيين في الإمارات، حيث يتطلب العمل في كثير من الأحيان ساعات طويلة في المكاتب، واستعمال الأجهزة الإلكترونية لفترات مطولة، بالإضافة إلى نظام غذائي غير متوازن، فإن الحفاظ على رؤية صحية يمكن أن يمثل تحديًا.
يمكن أن تؤدي تقلبات مستويات سكر الدم إلى حدوث ضبابية مؤقتة في الرؤية، مما يجعل من الصعب التركيز أو القراءة أو القيادة. على المدى الطويل، قد تؤدي السيطرة غير المنتظمة على مستويات السكر إلى تلف في الشبكية، مما يؤثر سلبًا على الرؤية وأداء المهام اليومية.
لذلك، يساعد التعرف على العلامات المبكرة واعتماد عادات وقائية في الحفاظ على رؤية واضحة ومريحة، وضمان عدم تأثير مرض السكري على جودة الحياة.
العلاقة بين مرض السكري والبصر
على الرغم من أن مرض السكري يُعرف بتأثيره السلبي على الصحة العامة، إلا أن الكثيرين يجهلون تأثيره على صحة العين. مع مرور الوقت، يمكن أن تؤدي مستويات السكر المرتفعة في الدم بشكل مستمر إلى تلف الأوعية الدموية في الشبكية، وهي النسيج الحساس للضوء في الجزء الخلفي من العين. هذا الضرر يمكن أن يؤدي إلى اعتلال الشبكية السكري، وهو من الأسباب الرئيسية لفقدان البصر الذي يمكن الوقاية منه في جميع أنحاء العالم.
تأثير هذا المرض كبير، حيث أفادت الوكالة الدولية للوقاية من العمى (IAPB) أن حوالي واحد من كل ثلاثة أشخاص مصابين بالسكري سيواجهون مضاعفات في الرؤية أثناء حياتهم، وأن واحدًا من كل عشرة سيعاني من حالات تهدد البصر مثل اعتلال الشبكية التكاثري أو الوذمة البقعية السكرية.
وبالإضافة إلى اعتلال الشبكية السكري، يمكن أن يزيد مرض السكري أيضًا خطر الإصابة بأمراض أخرى في العين، بما في ذلك:
غالبًا ما تتقدم هذه الحالات بصمت في مراحلها المبكرة، مما يعني أن التغيرات في الرؤية قد لا تظهر إلا بعد تقدم المرض. ويمكن أن تشمل العلامات التحذيرية المبكرة الرؤية الضبابية، أو المتقلبة، وضعف الرؤية في الليل، أو رؤية بقع داكنة، ولا ينبغي تجاهل هذه الأعراض. الطريقة الأكثر فاعلية لحماية البصر هي من خلال إجراء فحوصات شاملة ومنتظمة للعيون، مما يساعد أطباء العيون في الكشف عن التغيرات المبكرة وإدارة المضاعفات قبل أن تؤثر سلبًا على البصر.
يُعد فهم هذه المخاطر هو الخطوة الأولى نحو الوقاية، خاصة لأولئك الذين يوازنون بين جداول العمل الصعبة والروتين اليومي الذي يمكن أن يجعل من الصعب إعطاء الأولوية لرعاية العين المنتظمة.
صحة العين والعافية في العمل
تتطلب إدارة مرض السكري في العمل اعتماد عادات تدعم الصحة على المدى الطويل. ويتضمن ذلك ما يلي:
تناول وجبات متوازنة ذات مؤشر جلايسيمي منخفض (ذات تأثير منخفض على مستوى السكر في الدم)
اختر الأطعمة التي تعمل على استقرار نسبة السكر في الدم، مثل الحبوب الكاملة، والخضروات، والبروتينات الخالية من الدهون، والخيارات ذات المؤشر الجلايسيمي المنخفض، والتي توفر طاقة ثابتة وتقلل من ارتفاع السكر. احتفظ بوجبات خفيفة صديقة للعين مثل المكسرات، والفاكهة، وأعواد الجزر في مكان قريب لأنها تحتوي على فيتامينات E وA، وهي مفيدة لصحة العين.
احرص على شرب السوائل بانتظام
يمكن أن يؤدي الجفاف إلى رفع مستويات السكر في الدم وتفاقم جفاف العين، وهو شكوى شائعة بين العاملين في المكاتب في دبي بسبب الأماكن الداخلية المكيفة بشدة. احتفظ دائمًا بزجاجة ماء واشرب بانتظام طوال اليوم.
راقب ضغط الدم والكوليسترول
يمكن أن يؤدي كل من ارتفاع ضغط الدم وارتفاع الكوليسترول إلى تسريع تقدم أمراض العين المرتبطة بالسكري. تلعب المداومة على النشاط البدني، وإدارة التوتر، واتباع توصيات طبيبك دورًا حيويًا في حماية صحة العين على المدى الطويل ومنع المضاعفات.
تحرك بانتظام
تساعد فترات الراحة القصيرة والمتكررة طوال اليوم على تنظيم نسبة السكر في الدم، وتحسين الدورة الدموية، وتخفيف توتر العضلات. حتى تمارين الإطالة القصيرة أو المشي لمسافات قصيرة أثناء العمل يمكن أن تحدث فرقًا ذا مغزى في العافية العامة وتمنح عينيك فرصة للراحة، مما يقلل من الإرهاق البصري الناتج عن الاستخدام المطول للشاشات.
حدد مواعيدًا منتظمة لفحص العين
يعد فحص العين الشامل السنوي أحد أكثر الخطوات فاعلية التي يمكنك اتخاذها لحماية بصرك. يمكّن تصوير الشبكية الحديث أطباء العيون من تحديد التغيرات المبكرة جدًا في العين غالبًا قبل ظهور أي أعراض، حتى يتمكنوا من التدخل على الفور، ومنع المزيد من الضرر، وتصميم خطة علاج تناسب احتياجاتك الفردية.
قوة الوقاية
وفقًا لمؤسسة السكري الدولية والوكالة الدولية للوقاية من العمى، يمكن الوقاية مما يصل إلى 95 بالمائة من ضعف البصر الناجم عن اعتلال الشبكية السكري من خلال الكشف المبكر والعلاج في الوقت المناسب. يجب أن تكون فحوصات العين جزءًا من كل روتين لرعاية مرضى السكري، حتى عندما تبدو الرؤية طبيعية.
تظل الوقاية دائمًا هي النهج الأفضل، كما أن التحكم المستمر في نسبة السكر في الدم، والتغذية المتوازنة، والمتابعة الطبية المنتظمة تقلل بشكل كبير من خطر حدوث مضاعفات مرتبطة بالرؤية.
إذا كنت أنت أو أحباؤك تتعايشون مع مرض السكري، أو إذا لاحظتم تغيرات في رؤيتكم، فحددوا موعدًا لإجراء فحص شامل للعين للكشف عن تأثير السكري على العين اليوم.
لمعرفة المزيد حول اعتلال الشبكية السكري بما في ذلك الأعراض والأسباب وخيارات العلاج، تفضل بزيارة https://moorfields.ae/service/retina/diabetic-retinopathy/
الأسئلة الشائعة
كم مرة يجب على مرضى السكري إجراء فحص للعين؟
يجب على الأشخاص الذين يتعايشون مع مرض السكري الخضوع لفحص شامل للعين مرة واحدة على الأقل كل 12 شهرًا، حتى لو بدت رؤيتهم مستقرة. خلال هذا الفحص، سيقوم طبيب العيون بتقييم الشبكية، والعصب البصري، والأوعية الدموية باستخدام تقنيات تصوير متقدمة يمكنها اكتشاف التغيرات المبكرة غير المرئية بالعين المجردة.
قد يُنصح أولئك الذين يظهرون بالفعل علامات مبكرة لاعتلال الشبكية السكري أو تغيرات في البقعة البصرية بحضور فحوصات بشكل متكرر، والتي يمكن أن تكون أحيانًا كل ستة أشهر أو على النحو الموصى به من قبل الأخصائي. يضمن الفحص المنتظم إمكانية إدارة أي تقدم في مرض العين على الفور، مما يقلل بشكل كبير من خطر فقدان البصر.
ما العلامات المبكرة لمرض العين السكري؟
في مراحله المبكرة، غالبًا ما يتطور مرض العين السكري بصمت، دون أعراض ملحوظة. ومع ذلك، مع تقدم الحالة، قد تشمل العلامات التحذيرية ما يلي:
- رؤية ضبابية أو متذبذبة بشكل متقطع.
- بقع داكنة، أو عوائم، أو ظلال في مجال رؤيتك.
- ضعف البصر أو رؤية الألوان.
- صعوبة التركيز على الأشياء القريبة أو البعيدة.
يجب اعتبار أي تغيير مفاجئ في الرؤية علامة تحذيرية. يمكن أن يساعد طلب التقييم الفوري من أخصائي العيون في اكتشاف ما إذا كانت هذه التغيرات مرتبطة باعتلال الشبكية السكري، أو إعتام عدسة العين، أو مشكلة كامنة أخرى. يسمح التشخيص المبكر بالعلاج في الوقت المناسب قبل حدوث ضرر دائم.
هل يمكن أن يمنع استقرار نسبة السكر في الدم حقًا أمراض العين؟
نعم. يُعد الحفاظ على مستويات السكر في الدم ضمن نطاق صحي أحد أكثر الطرق فعالية لحماية عينيك. يساعد استقرار جلوكوز الدم وضغط الدم والكوليسترول في الحفاظ على صحة الأوعية الدموية الدقيقة التي تغذي الشبكية.
يمكن أن يتسبب تذبذب أو ارتفاع نسبة السكر في الدم باستمرار في تورم هذه الأوعية أو تسريبها أو انسدادها، مما يؤدي إلى اعتلال الشبكية السكري. وبمرور الوقت، قد يؤدي ذلك إلى عدم وضوح الرؤية أو ضعفها. من خلال اتباع نظام غذائي متوازن، وتناول الأدوية الموصوفة، وممارسة الرياضة بانتظام، ومراقبة جلوكوز الدم كما نصح طبيبك، يمكنك تقليل خطر الإصابة بمضاعفات مهددة للبصر بشكل كبير مثل اعتلال الشبكية السكري وإعتام عدسة العين (الساد).
هل ضعف البصر الناجم عن مرض السكري قابل للعكس؟
تعتمد إمكانية عكس ضعف البصر على مدى اكتشاف الحالة وعلاجها مبكرًا. في مراحله المبكرة، يمكن غالبًا إدارة مرض العين السكري بنجاح، حيث تساعد العلاجات مثل العلاج بالليزر أو الحقن داخل الجسم الزجاجي على استقرار الرؤية أو حتى تحسينها.
ومع ذلك، إذا تقدم المرض إلى مرحلة متقدمة حيث حدث ضرر كبير (خاصة في الشبكية أو العصب البصري)، فقد يصبح ضعف البصر غير قابل للعكس. ولذلك، فإن الكشف المبكر من خلال فحوصات العين المنتظمة أمر حيوي للغاية. توفر الرعاية الوقائية، والتشخيص في الوقت المناسب، والالتزام بخطط العلاج أفضل فرصة للحفاظ على البصر الواضح على المدى الطويل.
كيف يمكن لأماكن العمل دعم الموظفين المصابين بمرض السكري؟
تلعب أماكن العمل دورًا رئيسيًا في دعم الموظفين الذين يعانون من حالات صحية مزمنة مثل مرض السكري. ويمكن أن تسهل البيئة الواعية صحيًا على الأفراد إدارة حالتهم بفعالية مع الحفاظ على الإنتاجية.
يمكن لجهات العمل:
- تشجيع خيارات الوجبات الرئيسية والخفيفة الصحية في الكافتيريات أو مناطق البيع.
- السماح بجدولة مرنة للمواعيد الطبية أو فحوصات العين.
- دعم فترات الراحة المنتظمة خلال مُدد الاستخدام الطويلة للشاشات لتقليل إجهاد العين وتنظيم نسبة السكر في الدم.
- تقديم مبادرات للعافية تشمل جلسات توعية بمرض السكري أو أيام فحص النظر.
لا تدعم هذه الإجراءات عافية الموظفين فحسب، بل تعمل أيضًا على تحسين الروح المعنوية، وتقليل التغيب، وتعزيز الكفاءة العامة في مكان العمل. الثقافة التي تقدر الصحة تفيد في النهاية كلًا من الموظفين والمؤسسة على حد سواء.