هو مرض مرتبط بعدم قدرة الجسم على امتصاص وتخزين واستهلاك السكر من الغذاء بشكل سليم وطبيعي. ويؤدي ذلك إلى ارتفاع مستويات السكر (الجلوكوز) في الدم.
عادة ما يشار لمرض السكري من النوع الأول باسم (السكري المعتمد على الأنسولين) وغالبًا ما يتم تشخيص الإصابة به لدى الأطفال أو الشباب في عمر مبكر. أما السكري من النوع الثاني فهو النوع الأكثر شيوعًا، وعادةً ما يظهر لدى الكبار فوق عمر 40 سنة، ويرتبط غالبًا بزيادة الوزن والسمنة وقلة الحركة لدى الأشخاص الذين يملكون استعدادًا وراثيًا مسبقًا للإصابة.
ويختلف تأثير الاستعداد الوراثي المسبق من شخص لآخر بحسب النوع:
يمثل مرض السكري مشكلة صحية بارزة في المنطقة، حيث تضم قائمة أبرز 15 دولة من حيث انتشار المرض عالميًا كلًا من دولة الإمارات والسعودية والبحرين والكويت. وبحسب البيانات الصادرة من معهد القياسات الصحية والتقييم في عام 2015، فإن 19.3% من سكان دولة الإمارات العربية المتحدة بين عمر 20 و79 مصابون بالسكري من النوع الثاني، أو ما يعادل شخصًا من بين كل 5 أشخاص، ما يعني أن ما يزيد على مليون شخص في دولة الإمارات يعانون من مرض السكري. كما يعتبر السكري واحد من أبرز سبعة أسباب للوفاة المبكرة في دولة الإمارات، ومن بين أبرز أربع أسباب للإعاقة. يذكر أن نسب الإصابة بالسكري ارتفعت بشكل يدعو للقلق وبنسبة 174% خلال الفترة من 2005-2015.
قد يصعب في بعض الأحيان تشخيص مرض السكري من النوع الثاني، فهو في العادة لا يسبب الألم ولا تظهر له أية أعراض – على الأقل في بداية المرض. وتشير التقديرات في الواقع إلى أن الفترة بين ارتفاع مستوى الجلوكوز في الدم للمرة الأولى وبين تشخيص المرض تمتد بين 5 و10 سنوات.
يؤدي ارتفاع مستوى الجلوكوز في الدم لفترات مطوّلة وبشكل متكرر إلى تلف الأوعية الدموية والأعصاب في أنحاء الجسم، ويؤدي ذلك إلى حدوث مضاعفات في العينين والكلى والقلب والدماغ والأطراف.
يعد اعتلال الشبكية الناجم عن مرض السكري أحد أكثر مضاعفات مرض السكري شيوعًا وخطورة، كما تزداد نسبة انتشاره مع زيادة عوامل منها فترة الإصابة بمرض السكري، والعمر، وسوء التحكم بمستويات سكر الدم وضغط الدم وارتفاع الكولسترول ودهون الجسم.
وعلى الرغم من أن بعض مشاكل الإبصار قد تشير إلى الإصابة باعتلال الشبكية الناجم عن مرض السكري (مثل تشوش الكلمات أثناء القراءة، وصعوبة الرؤية عند الانتقال من منطقة مضيئة إلى منطقة معتمة)، فإن المرض عادةً ما يحدث بدون ظهور أية أعراض واضحة.
وقد يصيب اعتلال الشبكة الناجم عن مرض السكري أشخاص يتمتعون بدقة إبصار عالية ولا يعانون من أية أعراض، ويتم تشخيصهم في هذه الحالة فقط من قبل أخصائي في طب العيون وبواسطة فحص قاع العين (fundus examination). قد يتطلب الأمر أحيانًا فحوصات أخرى، مثل التصوير البصري المقطعي التوافقي (OCT) وتصوير الأوعية الدموية الصبغي بعد حقنها بالفلوريسين، وذلك لتقييم خطورة ومدى تفاقم حالة اعتلال الشبكية. وفي بعض الحالات التي يكون المرض فيها في مراحل أولية، يمكن الاكتفاء بمراقبة الوضع، بينما تتطلب الحالات الأكثر تقدمًا تدخلًا فاعلًا لإدارة المرض.
تتوفر خيارات مختلفة للعلاج، وأحيانًا تدعو الحاجة للجمع بين أكثر من خيار علاجي واحد معًا. وتتضمن هذه الخيارات حقن الأدوية في السائل الزجاجي للعين (مضادات تشكل الأوعية الدموية الجديدة “Anti VEGF” أو الستيرويدات)، والعلاج التقليدي بالليزر في أطراف العين، وعلاج الليزر بالدفقات الدقيقة للحالات غير المرئية (subthreshold micropulse laser). وفي الحالات الأكثر تقدمًا، مثل اعتلال الشبكية التكاثري أو حالات النزيف المرافقة في السائل الزجاجي، فقد تكون الجراحة هي الخيار الوحيد الممكن.
عادة ما يساهم التشخيص المبكر لمضاعفات السكري إلى إمكانية إدارة المرض والتحكم به بشكل أفضل، والحصول على نتائج أفضل للعلاج. ولهذا السبب فإن من المهم جدًا إجراء زيارات دورية لاستشارة طبيب العيون.