اعتلال الشبكية المتقدم المرتبط بمرض السكري

الرئيسية / مدونة / اعتلال الشبكية المتقدم المرتبط بمرض السكري

مدونة هذا الأسبوع حول اعتلال الشبكية المتقدم المرتبط بمرض السكري من د. عمّار صفر، المدير الطبي، استشاري طب العيون، أخصائي جراحة الشبكية و الجسم الزجاجي.

اعتلال الشبكية المتقدم المرتبط بمرض السكري

قد تؤدي الإصابة بمرض السكري وعدم السيطرة عليه (عن طريق النظام الغذائي أو الأدوية( إلى إصابة العين بآثار سلبية للغاية، ومن عدة جوانب.
ولعل أشد هذه التأثيرات تتعلق بشبكية العين، وهي الغشاء الحساس الذي يبطن داخل العين والمسؤول عن تشكيل الصور التي نراها. في هذه المدونة سأتناول بعض الأسئلة الشائعة والمهمة التي تراود العديد من الناس حول تأثير مرض السكري المتقدم على العين، والمعروف باعتلال الشبكية المتقدم المرتبط بمرض السكري.

هل يمكن أن يؤدي السكري إلى إصابتي بالعمى كليًا؟

نعم. فإهمال مرض السكري وعدم السيطرة عليه وإدارته قد يؤدي إلى فقدان قدرة الإبصار بشكل كامل عن طريق واحدة من هذه الآليات الثلاثة:

  • النزيف داخل العين، والتي قد تمتلئ كليًا بالدام بدلًا من السائل الصافي في الوضع السليم.
  • تراكم الأنسجة الليفية على الشبكية، مما يؤدي إلى جذبها وبالتالي انفصالها عن جدار العين، وهي حالة تسمى انفصال الشبكية الجذبي.
  • انهيار تام للأوعية الدموية الشبكية الطبيعية، مما يؤدي إلى موت الخلايا التي تولّد الرؤية نتيجة نقص الأكسجين والعناصر الغذائية (نقص التروية في الشبكية).

وقد تجتمع اثنتان من هذه الآليات، لكن الآلية الأخيرة تعتبر نادرة نسبيًا.

هل يمكن علاج فقدان الرؤية الناتج عن السكري المتقدم؟

نعم، هذا ممكن لحسن الحظ! فقد أدت التطورات التي شهدها حقل الطب خلال العقد الماضي إلى إنجازات هامة. ومن الممكن علاج أكثر من 92% من حالات فقدان البصر الحادة الناتجة عن تأثيرات مضاعفات السكري المتقدم على الشبكية، واستعادة البصر.
هناك إجراء جراحي يعرف باسم (قطع الجسم الزجاجي)، حيث يتم فيها إيقاف النزيف في العين و إزالة أي نسيج ليفي قد يؤدي إلى جذب الشبكية. ويتيح هذا الإجراء الجراحي استعادة البصر. يتم تنفيذ هذا الإجراء تحت التخدير الموضعي دون الحاجة لغرز جراحية ولا حاجة لإقامة المريض في المستشفى بعدها. ويجري حاليًا دراسة علاجات طبية جديدة قد توقف انهيار الأوعية الدموية في الشبكية، وقد توقف موت خلايا الشبكية.

مستويات سكر الدم عندي تحت السيطرة وبشكل جيد لكنني ما زلت أعاني من مشاكل في الشبكية. لماذا؟

مرض السكري مرض خبيث جدًا. فقد لا تظهر له أية أعرض لسنوات وربما لعشرات السنوات. ويكتشف الكثيرون أنهم يعانون من مرض السكري من النوع الثاني خلال فحص دوري للدم أو الفحص الطبي المعتاد، دون معاناتهم من أي أعراض سابقًا.
ولسوء الحظ، فإن عدم السيطرة على مستويات السكر في الدم لسنوات يؤدي إلى التلف البطيء في أنسجة الجسم، بما في ذلك شبكية العين. وتظهر المشاكل والمضاعفات بعد سنوات عديدة من سوء إدارة مستويات السكر، وفي هذه المرحلة فإن الكثير من المرضى يضطرون لأخذ المرض بشكل جدي. كما أن السيطرة على مستويات السكر في هذه المرحلة تصبح أمرًا في غاية الأهمية لوقف التلف – إلا أن هذا الإجراء لا يؤدي إلى نتائج فورية على تحسين النظر، لسوء الحظ. إلا أن السيطرة الجيدة على مستويات سكر الدم تؤدي إلى نتائج بعد عدة سنوات من المتابعة والإدارة المستمرة للمرض والالتزام بالعلاج.
والأسلوب الأمثل للتعامل مع مضاعفات السكري المتعلقة بالشبكية هي تفادي هذه المضاعفات كليًا من خلال إجراء
Figure 1:
فحوصات سنوية دورية للعين والالتزام بنظام غذائي ودوائي صارم، إلا أن الواقع هو أننا نتصرف بحسب ما نشعر وبحسب الأعراض التي نلحظها. نحن محظوظون جدًا لكوننا نعيش في عصر يمكننا فيه علاج حتى حالات فقدان البصر الشديد الناتج عن مضاعفات مرض السكري، كما يمكننا علاج واستعادة الوظائف البصرية.
الشكل 1:
أ‌. مريض يعاني من النزيف الناتج عن السكري مما أدى إلى فقدان شديد بالبصر
ب‌. نفس المريض بعد العلاج الجراحي حيث تم إفراغ العين من الدم واستعادة البصر.