الضوء الأزرق له جانب مظلم

مدونة هذا الأسبوع عن أضرار الضوء الأزرق من د. أسامة الجليدي، استشاري طب وجراحة العيون، أخصائي جراحة إعتام عدسة العين والقرنية وتصحيح البصر.
الجانب المظلم …للضوء الأزرق
ما هو الضوء الأزرق؟ أضرار الضوء الأزرق على صحتك ونومك

الهواتف، أجهزة التلفاز، الأجهزة الإلكترونية، الهواتف الذكية، أضواء الشوارع، المصابيح الكهربائية والأضواء الموفرة للطاقة في منزلك؛ تقريباً كل ما تتفاعل معه خلال يومك يؤثر سلباً بشكل أو بآخر على البصر.
يتعرض جميعنا بشكل يومي للعديد من الأضواء المرئية وأحياناً غير المرئية التي يمكن أن تسبب العديد من الأضرار والمخاطر على صحتنا وصحة من حولنا. وتتفاوت هذه الأضرار من تلف لشبكية العين إلى فقدان الرؤية المحتمل. لذا، فإن الضوء الأزرق هو أحد العوامل التي تؤثر على صحة الإنسان.
فالضوء الأزرق هو جزء من طيف الضوء المرئي ويتكون من جزئيات كهرومغناطيسية تنتقل في الأمواج، هذه الموجات تنبعث منها الطاقة وتتفاوت في أطوالها وقوتها. ولدى الضوء الأزرق طول موجي يتراوح بين حوالي 380 و500 نانومتر مما يجعله واحد من أقصر وأطول موجات الطاقة.
ضوء الشمس الأزرق يعمل على تنظيم عملية النوم واليقظة. كما يؤثر على إنتاج هرمون الميلاتونين الذي يتحكم في دورات الاستيقاظ والنوم لدى الإنسان.
من الجدير بالذكر أن الغدة الصنوبرية الموجودة خلف الغدة النخامية في الدماغ تقوم فإفراز وإنتاج هرمون الميلاتونين أثناء الليل للعمل على زيادة الرغبة في النوم والشعور بالنعاس. ومع شروق الشمس، يقل إفراز هرمون الميلاتونين ليتناسب تناسباً عكسياً مع كمية الضوء مما يؤدي إلى اليقظة.
بالتالي، عند النظر إلى الأجهزة الإلكترونية في وقت متأخر من الليل، يتوقف إنتاج هرمون الميلاتونين، الذي يعمل على تنظيم الساعة البيولوجية للإنسان، فعند شروق الشمس تزداد كمية الضوء، فتنخفض بالتالي مستويات هرمون الميلاتونين، ويؤدي ذلك إلى اليقظة لساعات طويلة وعدم النوم لساعات كافية وبالتالي التعرض للإرهاق وارتباك الحياة اليومية.
وقد ارتبط نقص إفراز هرمون الميلاتونين باضطرابات النوم، وأمراض السمنة والسكري، وأمراض القلب وحتى السرطانات.
لذا، عندما لا يحدث تناغم مع ساعة الجسم البيولوجية، يبدأ جهاز مناعة الجسم بالتأثر سلباً؛ مما يجعلنا عرضة أكثر للإصابة بالعديد من الأمراض.
ومع تطور وسائل التكنولوجيا الحديثة، تزداد كمية استهلاكنا اليومية للأجهزة الإلكترونية. التطور الهائل الذي سهل للمستخدمين مشاهدة فيلماً على هواتفهم الشخصية أو على أجهزتهم اللوحية. ومع حمل الأشخاص للأجهزة بمسافة قريبة من العين، تزداد إمكانية الضرر المحتمل على المدى الطويل.
العين ليست جيدة جداً في حجب الضوء الأزرق وخاصة لدى الأطفال. فمع تقدم العمر، تمتص عدسة العين مزيداً من الضوء الأزرق الذي يصل إلى شبكية العين. وقد أثبتت الدراسات الحديثة بأن التعرض لقليل من الضوء الأزرق قد يؤثر بشكل إيجابي على صحتك مثل: زيادة اليقظة والنشاط، تحسين الحالة المزاجية، المساعدة على التركيز وتقوية الذاكرة. كما يعد الضوء الأزرق من الأساليب المستخدمة لعلاج الحالات المرضية النفسية كالاكتئاب.
ويساهم الضوء الأزرق في سلالة العين الرقمية، وذلك بسبب قصر الطول الموجي والطاقة العالية المنبعثة منه والغير مركزة مقارنة بالضوء المرئي.

كيف يمكن مقاومة النتائج السلبية عن الإفراط في قضاء الوقت أمام الشاشات؟

لذا، فقد تم تطوير العديد من العدسات والنظارات الحاجبة للضوء الأزرق والعاملة على الحد من آثاره السلبية. ولكن يشير الباحثون إلى أن التعرض للضوء الأزرق لفترات طويلة يمكن أن يتسبب في التدمير التدريجي للخلايا الشبكية في العين، مما قد ينتج عنه الضمور البقعي المرتبط بالتقدم في العمر، والذي يعد واحداً من الأسباب الرئيسية للعمى.
وكبديل للنظارات الشمسية، يمكن زراعة عدسة باستخدام الجراحة لحجب الاشعة فوق البنفسجية والضوء الأزرق الذي قد يصل إلى شبكية العين عن طريق القرنية وعدسة العين.

ماذا عن التعرض المباشر لإشعاعات الهواتف الذكية واستخدامها لفترات طويلة؟

إذا كنت تقوم باستخدام هاتفك الخلوي بكثرة أثناء النوم وفي غيره من الأوقات، فإن الطريقة المناسبة للتقليل من تعرضك للضوء الازرق هي استخدام فلتر الضوء الأزرق. يعمل الفلتر- والذي يتوفر في إعدادات عرض العديد من الأجهزة الخلوية والإلكترونية ويمكن تحميله من متاجر التطبيقات ذات الصلة- بالحد من كمية الضوء الأزرق التي تصل مباشرةً إلى عينك دون التأثير على جودة العرض والدقة. وتتوفر خاصية الفلتر الحاجب للضوء الأزرق في جميع الأجهزة الرقمية الحديثة بما في ذلك الهواتف الذكية، الأجهزة اللوحية وأجهزة الحاسب الآلي. ويشير الأطباء والباحثون أنه من الأفضل التوقف عن استخدام الأجهزة الخلوية قبل الخلود للنوم بثلاث ساعات على الأقل.
قم بالبحث عن المصابيح ذات الطلاء للحد من انبعاثات الضوء الأزرق أو قم باستخدام المصابيح ذات الإضاءة المتغيرة والتي تسمح بتغيير الضوء لتكون أخف في المساء وأقل قوة من الضوء الأزرق على تغيير إيقاع الساعة البيولوجية، والحد من إفراز هرمون الميلاتونين. كما يمكنك استخدام شاشات حاجبة للضوء الأزرق على شاشة هاتفك الخلوي أو تشغل خاصية الفلتر أثناء الليل.
أيضاً بمكنك استخدام بعض التطبيقات مثل fl.ux لأجهزة الحاسب الآلي واللابتوب للحد من الضوء المنبعث وضبطه بالشكل المناسب خلال اليوم. ويمكن لمستخدمي أجهزة الحاسب الآلي الذين يعملون بشكل مكثف في الليل ارتداء نظارات تعمل على حجب الضوء الأزرق لتجنب الارهاق والأضرار المحتملة.
ووفقاً لدراسة أصدرتها جامعة هارفارد، فإن النظارات الواقية من الضوء الأزرق ينصح بها جميع العاملين في المناوبات الليلية بارتدائها؛ لكونها تعمل على تصفية نسبة الضوء الأزرق من الهواتف الذكية، خاصة عند الإكثار من استخدام الأجهزة الإلكترونية ليلاً.

https://www.health.harvard.edu/staying-healthy/blue-light-has-a-dark-side