ترَّكز الاهتمام الأبرز مؤخرًا في مجال جراحة الجلوكوما على مفهوم جراحة الجلوكوما غير التدخلية (أو Minimally Invasive Glaucoma Surgery – MIGS)، والتي حققت نتائج مذهلة في علاج الحالات الخفيفة والمتوسطة من الجلوكوما. صمم هذا الأسلوب العلاجي بهدف تعزيز سلامة الإجراءات الجراحية في حالات الجلوكوما. وعلى الرغم من أن الاسم الذي أطلق عليه هو “غير التدخلية” أو “أقل قدر ممكن من التدخل الجراحي”، إلا أن مصطلح الجراحة الدقيقة (micro) قد يكون أكثر ملاءمة، نظرًا لكونه يعكس الاختلاف الفعلي لهذه الجراحة المجهرية للعين مقارنة عن غيرها من الإجراءات الجراحية غير التدخلية (في مجال الجراحة العامة). وتركز غالبية جراحات الجلوكوما غير التدخلية (أو الدقيقة) على تعزيز التدفق الفيزيولوجي لسوائل العين، كما أنها موجهة لفئة مختلفة من المرضى مقارنة بأسلوب جراحة الترشيح التقليدية. ولا تعد جراحة الجلوكوما غير التدخلية منافسًا لجراحة الترشيح التقليدية، بل هي أقرب إلى أن تكون بديلًا للعلاج الطبي في محاولة لحل تحديات ومشاكل تتعلق باستخدام العقاقير الموضعية منها الالتزام بتناولها، والتأثيرات العكسية، وتأثيرها على أسلوب أو جودة حياة المريض.
حاز أنبوب ترشيح سوائل العين الشبكي الدقيق iStent (صنعته شركة Glaukos في لاغونا هيلز بولاية كاليفورنيا) على اعتماد إدارة الغذاء والدواء الأمريكية عام 2012. وهي شبكة من التيتانيوم مطلية بمادة الهيبارين وغير مغناطيسية، تمتاز بشكل شبيه بأنبوب الغوص مما يسهل تثبيتها. يتم تثبيت الأنبوب الشبكية بواسطة أداة معقّمة مخصصة للاستخدام مرة واحدة فقط عبر شق جراحي بطول 1.5 مم في قرنية العين. وتعتبر شبكة iStent أصغر أداة معتمدة من قبل إدارة الغذاء والدواء، حيث يبلغ ارتفاعها 0.3 مم وطولها 1.0 مم. هذه الجراحة التي تتضمن أقل قدر من التدخل الجراحي لعلاج الجلوكوما هي جراحة آمنة، ومن نتائجها عدم حاجة المرضى لاستخدام قطرات العيون يوميًا. يتم خلال الجراحة زرع أنبوب شبكي صغير بقطر 1 مم، مصنوع من التيتانيوم داخل قناة تصريف العين الطبيعية، مما يعمل على خفض مستوى الضغط داخلها. وقد توصّلت غالبية التجارب السريرية التي أجريت على iStent أن هذه الجراحة، بالإضافة إلى جراحة استحلاب العدسة (phacoemulsification) أدّت إلى تقليل الضغط داخل العين بنسبة واضحة وعلى المدى الطويل، كما قللت من عدد الأدوية التي يحتاج المريض لتناولها مقارنة بالحالات التي خضعت لاستحلاب العدسة فقط. كما لم يتم تسجيل أي مضاعفات خطيرة لهذه الجراحة.
جميع التحويلات أو الدعامات المذكورة تؤدي تقريبًا نفس الوظيفة والمتمثلة في تخفيف الضغط داخل العين. من المهم لفت انتباهكم إلى أنه لا يوجد أسلوب علاجي يضمن عدم استخدام قطرات العيون على الإطلاق، إلا أن النتائج المتميزة التي أظهرها استخدام دعامات iStent و XEN Gel يعني أن لدى الفئة المناسبة من المرضى خيارات قوية قد تنهي اعتمادهم على قطرات العيون.
سيناقش أخصائي علاج الجلوكوما المتابع لحالتكم الخيار الأمثل لكم.
لا تظهر دعامة I-stent من خارج العين، كما لا تشكّل فقاعة أو انتفاخًا خارجها، حيث أنها تعتمد على نظام تدفق سائل العين الموجود أصلًا للمساعدة في تصريف السائل للخارج (الشكل 2).
في المرحلة الأولى بعد إجراء الجراحة، تبدو العين محمرّة ومتورمة بدرجة تتفاوت من شخص لآخر. إلا أن العين تتعافى سريعًا ويختفي الاحمرار بعد فترة قصيرة.
تشكّل دعامة XEN رابطًا بين داخل العين وخارجها.
لذا فإن انتفاخًا بسيطًا قد يظهر أحيانًا عند أطراف العين عندما يتجه النظر إلى الأسفل جدًا أو إلى الخارج.
في المرحلة الأولى بعد إجراء الجراحة، تبدو العين محمرّة ومتورمة بدرجة تتفاوت من شخص لآخر. إلا أن العين تتعافى سريعًا ويختفي الاحمرار بعد فترة قصيرة.
كما يستخدم عادة عقار Mitomycin C (وهو مضاد للندوب) وقت الجراحة في حال اقتضت الحاجة لإبطاء عملية الشفاء.
المضاعفات التي تطرأ في وقت إجراء جراحة الجلوكوما غير التدخلية نادرة للغاية، كما أن الجراحة تمتاز بمستوى سلامة ممتاز. وفي حال حدوث أي مضاعفات فهي عادة ما تظهر خلال أول أسبوعين بعد الجراحة (يرجى الاطلاع على قسم/ معدلات النجاح ومضاعفات الجراحة).
يغادر المريض المستشفى ويمكنه العودة للمنزل في وقت لاحق من نفس يوم الجراحة. ويكون من الضروري عادة أن يتم فحص العين التي خضعت للجراحة في اليوم التالي.
توضع عادة رقعة على العين في الليلة الأولى بعد الجراحة، وترفع هذه الرقعة في اليوم التالي. ولا توضع الرقعة على العين المعالجة في حال لم يتمكن المريض من الرؤية بشكل جيد بعينه التي لم تخضع للجراحة. وفي هذه الحالة يوضع غطاء واقٍ شفاف على العين المعالجة بحيث يتمكن المريض من الرؤية والتحرك بسهولة بعد الجراحة.
من الطبيعي أن يلاحظ المريض تشوش الرؤية وأن يشعر بعدم الراحة في عينه بعد الجراحة. وتتفاوت الفترة التي يستمر فيها تشوش الرؤية من شخص لآخر، إلا أنه يكون في أسوأ حالاته عادة خلال فترة أسبوع إلى أسبوعين بعد الجراحة، ليبدأ بالتحسين ببطء بعد ذلك. ويحتاج المريض لنحو شهر واحد حتى تعود العين لحالتها الطبيعية، إلا أن قدرة الإبصار تستقر قبل ذلك.
لا يحتاج المريض في الحالات الطبيعية استخدام قطرات العيون أو الأقراص لخفض الضغط داخل العين التي خضعت للجراحة خلال الليلة الأولى بعد الجراحة، باستثناء الحالات التي يوصي فيها الطبيب بمواصلة استخدام هذه القطرات أو الأقراص. ومن الضروري مواصلة استخدام قطرات العيون في العين التي لم تخضع للجراحة إلا إذا نصحك الطبيب بخلاف ذلك.
في اليوم التالي للجراحة، يبدأ استخدام قطرات العيون لمرحلة ما بعد الجراحة بعد إزالة رقعة العين وتنظيف العين. هذه القطرات تكون عادة قطرات مضاد حيوي وقطرات ستيرويدات مضادة للالتهاب، وتستخدم خلال الشهر الأول بعد الجراحة. سيقوم الطبيب بإبلاغكم بأي تغييرات على هذه القطرات خلال زياراتكم اللاحقة.
في المرحلة الأولى يكون استخدام قطرات الستيرويدات مكثفًا (كل ساعتين أو 8 مرات يوميًا) خلال النهار، فيما تستخدم قطرة المضاد الحيوي 4 مرات يوميًا.
يجب فحص المريض من قبل الطبيب كل أسبوعين لفترة الشهر الأول تقريبًا للمتابعة.
يكون الضغط داخل العين إما مرتفعًا جدًا أو منخفضًا جدًا خلال الأسبوع الأول بعد جراحة زراعة الدعامة/التحويلة، لذا يجب فحص المريض من قبل الطبيب كل أسبوعين لفترة الشهر الأول تقريبًا، وتتباعد الزيارات بعد ذلك تدريجيًا. لا داعي للقلق في حال كان الضغط داخل العين مرتفعًا أو منخفضًا بدرجة كبيرة بالفعل، فإن الأخصائي المتابع لحالتكم سيتولى الأمر بكفاءة.
يمكنكم ممارسة القراءة ومشاهدة التلفاز بعد الجراحة، حيث أن الأنشطة الطبيعية المماثلة لن تضر العين. إلا من الضروري تفادي ممارسة أي أنشطة مرهقة خلال الأسابيع الأولى بعد الجراحة. الجدول التالي يوضح بشكل عام ما يمكنكم ممارسته وما تنصحون بتجنبه.
في جميع الأحول، يجب تجنب فرك أو ضغط العين. في الأجواء المغبرّة يرجى ارتداء واقي للعيون أو النظارات الخاصة بكم. لا تتوقفوا عن وضع قطرات العيون بدون استشارة الطبيب. لا تستخدموا أي مستحضرات أخرى توضع في العين.
إذا كانت لديكم أية استفسارات يرجى مراجعة الطبيب أو فريق التمريض في العيادة.
تعتمد فترة التوقف عن العمل على عدد من العوامل، منها طبيعة العمل وحالة النظر في العين التي لم تخضع للجراحة، ومستوى الضغط في العين التي تمت معالجتها.
عادة ما يحتاج المريض لإجازة أسبوع إذا كان يمارس عملًا مكتبيًا، وذلك في حال كان التعافي بعد الجراحة طبيعيًا. أما إذا كان المريض يمارس عملًا يتطلب جهدًا يدويًا مرهقًا أو يعمل في بيئة مغبرّة، فإنه يحتاج لإجازة تتراوح بين أسبوعين وشهر واحد (مثال: عمال البناء، العاملين في الصحراء).
تستغرق العين نحو شهر واحد لتعود إلى حالتها الطبيعية في معظم الحالات، وقد تحتاج لفترة أطول في الحالات الأكثر تعقيدًا. وعندها، عادةً ما يخضع المريض لفحص نظر حيث أن النظارات الطبية التي سيحتاجها غالبًا ما ستختلف بدرجة بسيطة عما كانت عليه بعد الجراحة.
تتناول معظم دراسات جراحة الجلوكوما معدلات النجاح على مدى خمس سنوات. وتظهر دعامات I-stent وXEN Gel نتائج جيدة ومعدلات نجاح تتراوح بين 80-90% في معظم الدراسات. وعلى الرغم من أن نسبة كبيرة من المرضى تمكنت من التحكم بضغط العين بشكل جيد دون الحاجة لمواصلة الأدوية المخصصة لعلاج الجلوكوما، فإن العديد منهم ما زالوا يحتاجون لبعض الأدوية لمساعدة التحويلة/الدعامة في التحكم بضغط العين، خاصة إذا كانوا يستخدمون أكثر من قطرة عيون واحدة قبل الجراحة. وفي هذه الظروف، فإن الدواء اللازم عادة ما يكون أقل مما كان عليه قبل الجراحة.
كما هو الحال في أي جراحة، فإن هناك احتمالًا لوقوع مضاعفات أو مشاكل. وقد تظهر المضاعفات خلال الجراحة، أو بعدها بفترة قصيرة أو بعد عدة شهور من إجرائها.
من النادر جدًا أن تحدث مضاعفات خطيرة، وقد تحدث في حال انخفاض ضغط العين بدرجة كبيرة أو بسرعة كبيرة خلال الفترة الأولى ما بعد الجراحة، أو في حال تعرض العين للتلوث أو الالتهاب.
النزيف داخل العين هو أخطر المضاعفات التي قد تحدث. وقد يؤدي النزيف إلى فقدان قدرة الإبصار أو العمى، إلا أنه يحدث بنسبة 1 من 1000. وهناك العديد من الإجراءات التي تتبع لمنع حدوث النزيف، إلا أنه ليس أحد المضاعفات التي يمكن التنبؤ بحدوثها.
قد يكون الالتهاب داخل العين خطيرًا للغاية وقد يسبب فقدان قدرة الإبصار أو العمى. نسبة الإصابة بالتهاب هي أقل من 1 من 1000. وبالإضافة إلى إجراءات الوقاية، يتم اتباع أساليب التعقيم لتجنب حدوث التهاب.
قد يرتفع ضغط العين أو ينخفض بعد الجراحة بدرجة كبيرة. وقد يتطلب ذلك علاجًا إضافيًا في العيادات الخارجية، أو قد يتطلب جراحة أخرى في بعض الحالات.
قد يحدث التهيج داخل العين وعادة ما يتم علاجه بواسطة قطرات العيون.
قد يحدث ذلك بعد الجراحة، كما قد يلاحظ بعض المرضى انتفاخًا في منطقة التصريف تحت الجفن العلوي للعين، إلا أن هذه الأعراض عادة ما تتراجع مع مرور الوقت.
مع تعافي العين واستقرار قدرة الإبصار فيها وإزالة الغرز الجراحية منها، فإن المريض قد يحتاج إلى تغيير قياس النظارات الطبية التي يستخدمها ليحصل على الرؤية الأمثل. يلاحظ نحو 10% من المرضى تراجع قدرة إبصارهم بمقدار سطر واحد على لوحة فحص النظر بعد عام من إجراء الجراحة. ويحدث ذلك عادة نتيجة تشكّل إعتام عدسة العين، والذي قد يزداد نتيجة جراحة ترشيح سائل العين، وإن كان من السهل علاجه والسيطرة عليه.
هذه الحالة نادرة جدًا حتى في حال استخدام دعامة Baerveldt الأكبر حجمًا، وعادة ما تعتاد العين على الدعامة على مدى الأشهر القليلة اللاحقة للجراحة.
هذه إحدى المضاعفات النادرة جدًا ككل، ويقلل من احتمالية وقوعها استخدام أدوات متخصصة لتصوير زاوية وضع الدعامة بشكل مباشر.
إما إعاقة وضع الدعامة/التحويلة فيمكن علاجه بليزر YAG البسيط عبر فتحة I-stent، وبحقن انتفاخ التصريف لدعامات Xen Gel.
تعتمد نصيحة أخصائي علاج الجلوكوما لكم على موازنة المخاطر والفوائد المتحققة من الجراحة. وفي حال أوصى الطبيب بإجراء الجراحة فإن هذا يعني أن فوائدها تفوق مخاطرها.
في حال لم يتم إجراء الجراحة في الوقت المناسب، فإن هناك احتمال فقدان قدرة الإبصار بشكل لا يمكن علاجه نتيجة ارتفاع/تذبذب ضغط العين، مما قد يؤدي إلى العمى.
وفي جميع الأحوال، فإن اتخاذ قرار مدروس يقع على عاتق المريض، وسيتواجد الطبيب المختص بعلاج الحالة لتقديم النصح والمشورة، كما سيسر بمناقشة مخاوفكم وتوقعاتكم قبل الخضوع للجراحة.