مدونة هذا الأسبوع حول مخاطر تغيير لون العيون بشكل دائم من د. أسامة الجليدي، استشاري طب و جراحة العيون، أخصائي جراحة إعتام عدسة العين والقرنية وتصحيح البصر
تمَّ تطوير جراحة زراعة القزحية الصناعية في الجزء الأمامي من العين في الأساس لغايات علاجية، إلا أن هذا الإجراء بات يستخدم مؤخرًا في الإجراءات التجميلية لتغيير لون العيون. وبدأ ذلك في بنما في أمريكا اللاتينية، إلا أن هذه الإجراءات باتت تتم في عدد من الدول الإفريقية والآسيوية. إلا أن هناك أدلة متزايدة ودراسات عديدة حاليًا تظهر المخاطر والمشاكل المرتبطة بزراعة القزحية الصناعية لأهداف تجميلية بحتة.
يذكر أن الزراعة التجميلية لأجزاء العين الداخلية تعني زراعة قزحية ملونة في الحجرة الأمامية للعين بهدف تغيير مظهر القزحية الأصلية لأسباب تجميلية. والقزحية هي الجزء من العين المسؤول عن التحكم بقطر وحجم بؤبؤ العين وبالتالي التحكم بكمية الضوء التي تصل الشبكية الواقعة في مؤخرة العين. وتغطي القزحية طبقة من صبغة الميلانين، وهذه الصبغة هي التي تحدد لون العينين.
يوظف أطباء العيون إجراء زراعة القزحية الصناعية للمرضى الذين يعانون من مشاكل في القزحية، وذلك وفق أساليب علاجية ثبتت فوائدها العلاجية لغايات تحسين قدرة الإبصار ومظهر المريض. أما الإجراءات التجميلية فتتم فقط لتغيير لون القزحية السليمة بحسب تفضيل المريض. إلا أن الخيار الأفضل بالنسبة للأشخاص الذين يرغبون بتغيير لون عيونهم هو استخدام العدسات اللاصقة الملونة والمخصصة للاستخدام اليومي (بشرط العناية اللازمة في هذا الصدد)، ولا ينبغي تعريض أنفسهم لمخاطر زراعة قزحية صناعية.
فبالإضافة إلى المخاطر الطبيعية المحتملة في حال إجراء أي جراحة للعين، مثل الالتهاب وتهيج العين، فإن الأجزاء التجميلية التي تتم زراعتها في العين السليمة توضع فوق عدسة العين وقزحيتها الطبيعيتين، مما قد يؤدي إلى رفع مستوى الضغط داخل العين (الجلوكوما) وتلف القرنية، وإعتام عدسة العين (الكتاراكت). كما يتضمن هذا الإجراء مخاطر مثل ضمور القزحية، وعدم انتظام بؤبؤ العين، والتهاب العين (التهاب القزحية).
المخاطر المرتبطة بهذا الإجراء حقيقية، وقد رأيت بنفسي بعض الحالات لمرضى خضعوا لهذا الإجراء في المنطقة، ونتجت عنه مشاكل أدت إلى تراجع قدرة الإبصار لدى بعضهم والحاجة إلى إزالة القزحية الصناعية من خلال جراحة أخرى. وقد يعاني بعض المرضى من ضرر دائم في العين نتيجة هذه الزراعة، إلى جانب الشكل غير المرغوب به للعين والذي كان السبب الرئيسي لإجراء الزراعة.
وهناك العديد من التقارير التي صدرت في أجزاء مختلفة حول العالم، تتعلق بالمشاكل الخطيرة الناتجة عن هذه الإجراءات التجميلية، وتحذر غالبية جمعيات وهيئات أطباء العيون المعروفة – مثل الجمعية الأمريكية لإعتام عدسة العين وجراحة العين التصحيحية (ASCRS) والجمعية الأوروبية لإعتام عدسة العين وجراحة العين التصحيحية (ESCRS) وجمعية آسيا والمحيط الهادئ لإعتام عدسة العين وجراحة العين التصحيحية (APACRS) – وغيرهم من الهيئات المتخصصة، تحذر من اللجوء إلى زراعة القزحية الصناعية لغايات تجميلية. لم يتم ترخيص هذا الإجراء الجراحي في الولايات المتحدة الأمريكية أو في أوروبا. ولا يجري حاليًا تنفيذ أية تجارب سريرية متخصصة لدراسة مدى سلامة أو فعالية هذه الإجراءات التجميلية، كما تصف المجلات والدوريات الطبية المضاعفات المحتملة الخطيرة لمثل هذا الإجراء.
لاشك في ضرورة استخدام قزحيات العين الصناعية المصرح باستخدامها للمرضى الذين يحتاجونها لأسباب طبية، إلا أن استخدامها لغايات تجميلية يحمل معه مخاطر لمضاعفات شديدة قد لا يمكن علاجها، وقد تصل إلى حد فقدان البصر. وتحدث هذه المضاعفات ببطء وعلى مدى عدة أشهر أو حتى سنوات بعد زراعة القزحية التجميلية، مما يعني أن المريض قد لا يشعر بأي تغيير أو قد لا يدرك الضرر الذي يحدث لعينه إلا بعد فوات الأوان.
وكأخصائي في مجال الرعاية الصحية فإنني أعتقد أن من الضروري توعية وتثقيف المرضى حول المخاطر المرتبطة بالإجراءات التجميلية غير المصرح بها، والتشديد على عدم اللجوء إليها.
تصريح صادر عن الأكاديمية الأمريكية لطب العيون (أكتوبر 2014):
في أعقاب تقارير إعلامية صدرت مؤخرًا حول جراحة زراعة القزحية التجميلية لتغيير لون العين، فإن الأكاديمية الأمريكية لطب العيون، الهيئة الأكبر عالميًا لأطباء وجراحي العيون، تحذر من الخضوع لإجراءات جراحية من شأنها أن تسبب ضررًا خطيرًا للعين وقد تؤدي إلى فقدان البصر وحتى العمى. لم يتم تقييم جراحات زراعة القزحية التجميلية من قبل أي هيئة تنظيمية في الولايات المتحدة الأمريكية كما لم يتم اختبار سلامة إجراءاتها في أي تجارب سريرية. وفيما لم يتم التصريح بإجراء زراعة القزحية من قبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية، فإن التقارير الإعلامية لهذا الشهر تشير إلى أن الجراحة تنفذ في دول خارجية.