أحدَثَ الذكاء الاصطناعي (AI) ثورة في مختلف المجالات، وهو يشق طريقه إلى طب العيون. تعتبر تقنيات الذكاء الاصطناعي بمثابة أدوات قيّمة لتشخيص أمراض العيون وتدبيرها وعلاجها.
يمكن لخوارزميات الذكاء الاصطناعي تحليل كميات كبيرة من البيانات خلال وقت قصير، مما يسهّل من الكشف عن أمراض العين وعلاجها. أحد أهم تطبيقات الذكاء الاصطناعي في طب العيون هو الكشف عن أمراض الشبكية وتشخيصها، بما في ذلك اعتلال الشبكية السكري، والتنكّس البقعي المرتبط بالعمر، والزرَق (الجلوكوما).
يعدّ اعتلال الشبكية السكري أحد الأسباب الرئيسية للعمى لدى البالغين. وللأسف، فهو شائع الانتشار بشكل كبير في منطقتنا، حيث أن هناك عدد كبير من المرضى المصابين. ولكن بمساعدة الذكاء الاصطناعي، يمكن لأطباء العيون الآن الكشف عن المرض بشكل مبكر وتقديم العلاج في الوقت المناسب. يمكن لأنظمة تصوير الشبكية التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي تحليل عدد كبير جداً من صور الشبكية للكشف عن العلامات المبكرة للمرض بمستوى عالٍ من الدقة، مما يوفر لأطباء العيون تشخيصاً أكثر دقة ويجعل تأخير التشخيص أو تفويته أقرب إلى المستحيل.
ويعدّ التنكّس البقعي المرتبط بالعمر أحد أمراض العين الأخرى التي يمكن أن تؤدي إلى فقدان البصر. يمكن لخوارزميات الذكاء الاصطناعي تحليل صور شبكية العين للكشف عن علامات المرض وتتبع تقدمه، مما يسمح لأطباء العيون بتقديم العلاج المناسب.
أما الجلوكوما فهو مرض يؤدي إلى تلف العصب البصري، مما يسبب فقدان البصر. يمكن لتقنيات الذكاء الاصطناعي الكشف عن المرض في مراحله المبكرة، مما يسمح بالتدخل المبكر للوقاية من استمرار فقدان البصر. يمكن لخوارزميات الذكاء الاصطناعي تحليل اختبارات المجال البصري واختبارات التصوير وغيرها من البيانات ومقارنتها بالاختبارات السابقة، مما يكشف عن الاختلافات الدقيقة جداً ويوفر أداة قوية للغاية لتحديد احتمالية الإصابة بالجلوكوما وتطور الحالة.
يمكن للذكاء الاصطناعي أيضاً أن يساعد أطباء العيون في تدبير حالات الساد (إعتام عدسة العين)، والتي تعدّ من الأسباب الشائعة لفقدان البصر لدى البالغين. يمكن لخوارزميات الذكاء الاصطناعي تحليل بيانات المريض، بما في ذلك التاريخ الطبي، لتحديد الإجراء الجراحي المناسب وقوة العدسة داخل العين.
تتمتع تقنية الذكاء الاصطناعي بالقدرة على إحداث ثورة في طب العيون، مما يسمح لأطباء العيون بتقديم التشخيص بشكل أكثر دقة وتخصيص خطة العلاج. وفي حين أنه لا يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحل محل خبرة الإنسان، إلا أنه يمكن أن يعززها بشكل كبير، وأن يزود أطباء العيون بأداة قوية لتحسين رعاية المرضى.
ختاماً، يمكن للذكاء الاصطناعي إحداث تغيير جذري في طب العيون من خلال تحسين تشخيص أمراض العيون وتدبيرها وعلاجها. ومع تقدّم هذه التقنية، سيصبح الذكاء الاصطناعي بلا شك أداة أساسية تزداد أهميتها لأطباء العيون.