بقلم الدكتورة لويزا إم. ساستري، الأخصائية في طب العيون وعلاج الشبكية في مستشفى مورفيلدز دبي للعيون
يمكن للتقلبات المفاجئة في البصر والتي تشمل عدم وضوح الرؤية، والرؤية المزدوجة، وظهور العوائم في العين أن تمر دون ملاحظة، لأن الناس يتعرضون لأنماط حياة معقدة وغير متوقعة. ومع ذلك، يمكن أن تكون هذه الأعراض البسيطة علامة على مرض كامن أكثر خطورة. هذه الأعراض هي بعض المؤشرات الرئيسية لاعتلال الشبكية السكري، الذي يعد أحد الأسباب الرئيسية للعمى الذي يمكن الوقاية منه في العالم.
وكما يوحي الاسم، فإن اعتلال الشبكية السكري يرتبط ارتباطًا مباشرًا بمرض السكري، وهو حالة لعدم قدرة الجسم على إنتاج الأنسولين الكافي، وهو الهرمون الذي ينظم الجلوكوز، حيث يؤدي إلى عدم الاستقرار في مستويات الجلوكوز في الدم على المدى الطويل. ويمكن لمرض السكري أن يتطور في شكلين، النوع 1 وهو مرض خلقي منذ الولادة، والنوع 2 الأكثر شيوعًا ويرتبط بالسمنة ونقص النشاط البدني.
يعد مرض السكري من المشاكل الصحية العامة التي تحظى بأهمية بالغة على مستوى المنطقة في دول مجلس التعاون الخليجي، ومنها دول الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والبحرين والكويت التي تقع ضمن المراكز الـ 15 الأولى من حيث انتشار مرض السكري في جميع أنحاء العالم. وفي الواقع، ووفقًا لبيانات الاتحاد الدولي للسكري، فإن حوالي 32 بالمائة من السكان البالغين (الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و79 سنة) في الإمارات العربية المتحدة، قد يكون لديهم مرض السكري أو مقدمات السكري أو قد يصابون به خلال العقد القادم.
ومع تزايد هذه الأرقام ، يزداد قلق خبراء الصحة تدريجياً بشأن مستقبل الدولة. وتشير الدراسات إلى أن 50 بالمائة من مرضى السكري في الدولة لا يعرفون أنهم مصابون بالمرض، وأن 74 بالمائة من مرضى السكري في الإمارات العربية المتحدة قد لا يدركون أنهم مصابون باعتلال الشبكية السكري.
وبسبب التغيرات التي تتعرض لها الأوعية الدموية في شبكية العين، يبدأ اعتلال الشبكية السكري بسبب ضعف التحكم في الجلوكوز الذي يمكن أن يسبب تلفًا في الأعصاب والأوعية الدموية. وباعتبارها من أكثر الأعضاء المعقدة والتي تتضمن أوعية دموية في الجسم، فإن العين معرضة بشكل خاص للتلف الناجم عن مرض السكري. ويؤدي ضعف الأوعية الدموية في العين إلى نمو الأوعية الدموية الضعيفة الجديدة وتسرب السوائل إلى شبكية العين، الأمر الذي يؤدي تاليًا إلى تطور المرض. ولهذه الأسباب، يصاب جميع مرضى السكري من النوع 1 تقريبًا، وثلثي مرضى السكري من النوع 2 باعتلال الشبكية السكري خلال 20 سنة من التشخيص.
يمكن أن يكون اعتلال الشبكية السكري قابلاً للعكس فقط خلال المراحل الأولى من المرض إذا تمت السيطرة على مرض السكري بشكل جيد. أما في المراحل المتقدمة من المرض، فلا يمكن علاج اعتلال الشبكية السكري. لذلك، فإن الكشف والعلاج المبكرين يؤديان دورًا مهمًا في تطور المرض.
خيارات العلاج متوفرة، وأحيانًا يمكن لمجموعة من الإجراءات أن تساهم بإدارة آثار المرض وتخفيفها. وتشمل هذه الخيارات أدوية الحقن داخل العين (الأدوية المضادة لتشكل الأوعية الدموية الجديدة و/أو الستيرويدات)، والتخثر الضوئي (العلاج التقليدي بالليزر المحيطي)، وفي الحالات الأكثر تقدمًا، تكون الجراحة حتمية في حالة اعتلال الشبكية التكاثري أو النزف داخل العين.
تساهم الأدوية المضادة لتشكل الأوعية الدموية الجديدة في التقليل من تكون الأوعية الجديدة كما أنها تمنع التسريب من الأوعية الضعيفة، الأمر الذي يساعد على إبقاء اللطخة (مركز الشبكسة) جافة. تساعد الستيرويدات داخل الجسم على تقليل التورم في اللطخة. أما بالنسبة للتخثر الضوئي فيساهم في أكسجة الشبكية، ومن خلال ذلك، فإنه يقلل من تحفيز نمو الأوعية الجديدة في الشبكية والقزحية. وعندما لا تكون العلاجات المذكورة مسبقًا كافية، تساعد الجراحة على استعادة صحة العين. ومن خلال الجراحة، يزيل الطبيب الجراح النزيف والأنسجة الليفية التي تتكاثر بين الشبكية والجسم الزجاجي مسببة النزيف الزجاجي وانفصال الشبكية.
هناك مضاعفات بصرية رئيسية مرتبطة بوجود اعتلال الشبكية السكري. ومع ذلك، فمن الشائع أن يبدأ المرض بدون أعراض. ولا يمكن تشخيص اعتلال الشبكية السكري إلا عن طريق طبيب العيون وقيامه بفحص قاع العين. لذلك، فإن الفحص المنتظم أمر ضروري لدى مرضى السكري لأن الاكتشاف المبكر يؤدي بشكل عام إلى نتائج أفضل.