مدونة هذا الأسبوع حول اعتام عدسة العين (الكتاراكت) عند الأطفال يقدمها الدكتور سيد أسد علي، استشاري طب عيون الأطفال، أخصائي علاج الحول و إعتام عدسة العين
ما هو اعتام عدسة العين (الكتاراكت)؟
يعرف اعتام عدسة العين (الكتاراكت) بأنه عبارة عن ضبابية أو إعتام في العدسة البلورية الطبيعية للعين. ويسمى أيضا “المياه البيضاء” أو “اللؤلؤ الأبيض” بسبب مظهره الأبيض. ويعدّ اعتام عدسة العين شائعاً جداً عند الناس الذين تتجاوز أعمارهم 50 سنة، ولكن – على عكس الاعتقاد الشائع – يمكن أن يحدث في أي سنّ. وعندما يولد الطفل وهو مصاب بإعتام عدسة العين فإنه يسمى بالاعتام الخلقي أو الولادي ويؤثر على الرؤية من خلال منع كافة الضوء من الوصول إلى الشبكية في الجزء الخلفي من العين.
أسباب إعتام عدسة العين عند اليافعين
يمكن أن يحدث إعتام عدسة العين في عين واحدة (أحادي الجانب) أو في كلتا العينين (ثنائي الجانب). وفي البلدان الغربية، يبلغ معدل الإصابة بإعتام عدسة العين الذي يؤثر على رؤية الطفل حوالي 3-4 حالات من كل 10 آلاف ولادة لطفل، ويعدّ معدل الإصابة أعلى في آسيا.
ويمكن أن يكون إعتام عدسة العين ثنائي الجانب ناجماً عن الطفرات الجينية. إذ تمَّ الآن اكتشاف أكثر من 15 عيباً جينياً. وهناك أيضاً الارتباطات الجهازية مع اضطرابات الاستقلاب الغذائي مثل مرض الجالاكتوز في الدم وداء ويلسون والسكري. وقد لوحظ عند الناس الذين يعانون من تثلث الصبغي 21 (متلازمة داون) كذلك. وإذا أصيبت الأم ببعض أنواع العدوى مثل الحصبة الألمانية أو الهربس أو داء المقوسات أو مرض الزهري، فإن هذا قد يؤدي إلى اعتام عدسة العين عند الولادة.
ويرتبط إعتام عدسة العين أحادي الجانب بأمراض العين الأخرى مثل العين الصغيرة وشذوذات الجزء الأمامي للعين (خلل يتكوّن في الجزء الأمامي) والالتهاب وأمراض الشبكية والخلط الزجاجي.
ويمكن لأي رض كبير (صدمة بشيء حاد) للعين أن يسبب إعتام عدسة العين.
في سن مبكرة جداً، قد يلاحظ الآباء منطقة بيضاء في وسط بؤبؤ العين أو انعكاس غير طبيعي في البؤبؤ. ويصاب بعض الأطفال بالحول بسبب كسل العين الناجم عن اعتام عدسة العين أحادي الجانب. ويتم أحياناً أخذ الأطفال إلى طبيب العيون بعد اكتشاف ضعفهم في فحص العين في المدرسة. وفي حالة اعتام عدسة العين أحادي الجانب، حتى الأطفال الأكبر سناً قد لا يدركون بأنهم يرون بعين واحدة فقط، حيث أنهم قادرون على موازنة الرؤية بشكل جيد.
العلاج
يعتمد علاج اعتام عدسة العين على عدد من العوامل مثل العمر عند التشخيص، ووجوده بشكل أحادي أو ثنائي الجانب، وكون الاعتام خفيفاً أو كثيفاً، ووجود كسل في العين. ويتم إجراء عملية جراحية لاعتام عدسة العين الولادي الكثيف ثنائي الجانب في الأسابيع 6-8 من العمر تقريباً، لأن الجراحة المبكرة يمكن أن تشكل خطراً كبيراً للإصابة بالجلوكوما (المياه الزرقاء) كما أن تأخير الجراحة إلى ما بعد 3 أشهر من العمر يمكن أن يحدّ من تحسن الرؤية، وذلك بسبب تطور كسل العينين. ويكون الإنذار البصري لاعتام عدسة العين الولادي الكثيف ثنائي الجانب سيئاً بسبب التطور المبكر لكسل العين.
ويمكن علاج حالات الاعتام الخفيف ببساطة، ولكن علاج الإعتام الشديد يتطلب إجراء الجراحة وإزالة الساد. وعند الأطفال تحت سن 3-4 سنوات من العمر، فإن إزالة الإعتام تؤدي أيضاً إلى زوال جزء من الهلام الأمامي (الخلط الزجاجي) من العين.
وعادة ما تزرع العدسة داخل المقلة عند الأطفال بعمر السنة فما فوق، ولكن ذلك يمكن إجراؤه في وقت مبكر في الحالات أحادية الجانب. كما أن قوة العدسة التي يتم اختيارها تسمح أيضاً بنمو العين.
وبعد الجراحة، فإن الرعاية مهمة جداً وقد تتضمن قطرات العين العادية لمدة 4-6 أسابيع بعد الجراحة، والارتداء العادي للنظارات والعدسات اللاصقة ورقعة العين (أي تغطية إحدى العينين ذات الرؤية الأفضل) لعدد محدد من الساعات. وهذا يتطلب الكثير من الدعم وتعاون الوالدين.
وفي هذه الحالات، فإن التشخيص المبكر والعلاج الفوري يمكن أن ينقذ الأطفال من ضعف البصر مدى الحياة.
فمن المهم أن يخضع جميع الأطفال لفحوصات العين بانتظام.